نظرة قانونية | إسترداد الشبكة و الهدايا بعد فسخ الخطبة ,,,كل ما تريد معرفتة
بقلم / محمد حسن عايد المحامي بالنقض و رئيس مجلس إدارة شركة لوجستيك إيجيبت للإستشارات القانونية
أصبح الرأي العام جلة مشغول في الأونة الأخيرة بمصير الشبكة و الهدايا التي يقدمها الخاطب لمخطوبتة في حال فسخت تلك الخطبة , ومحور تلك المسألة في أحقية تلك الشبكة و تلك الهداية هل هي من حق الخطيبة أم من حق الخاطب؟ والمحور الثاني لها هل هناك مبررات ترجح أحقية أي من الطرفين في تلك الشبكة كــــ السبب في الفسخ علي سبيل المثال؟
بداية دعونا نصارح أنفسنا أن هذا النوع من القضايا ما كان يثار في المجتمع المصري سابقا لأسباب عدة أولها إجتماعي وهو أن المجتمع المصري كان يحكمه أعراف وتقاليد كانت كفيلة بذاتها أن لا يثار معها إذا إنفسخت أي خطبة أن تثار معها تلك القضية أو مطالبة أي من الأطراف بالشبكة , لأنة وحتي زمن ليس ببعيد كان يتبارى الطرفان في رد الشبكة و الهداية بمجرد إنفساخ تلك الخطبة!!!
و الوجه الإجتماعي الأخر الذي افتقده المجتمع المصري هو الإمتثال لقرار كبار وحكماء الطرفان ولما يقرروه في شأن الأثار المترتبة علي إنفساخ الخطبة.
والسبب الثاني هو إقتصادي و ذلك نظرا لإرتفاع القيمة المالية للمصوغات الذهبية " الشبكة " فأصبح الطرافين يتبارون كي يستحوذوا علي الشبكة بإعتبارها حق مطلق لكل طرف.
ونظرا لتعاظم هذا الأمر لغياب الأسباب المذكورة عالية فضلا عن عدم إستقرار عدد ليس بالهين من الخطبات الغير موفقة ,الأمر الذي أصبح المجتمع معة في حالة تضارب حتي أصبحت ساحات المحاكم مليئة بهذا النوع من القضايا وحتي نجد رد علي مسألة هل الشبكة و الهداية في حال إنفساخ الخطبة حق للخطيبة أم ترد للخاطب؟
للرد يجب أن نذكر أن المجتمع المصري ظل لمئات السنين يحتكم للعرف في حل تلك المسألة وقد إستقر العرف علي أن معيار أحقية أي من الطرفين للشبكة يعود إلي البحث عن المتسبب في إنفساخ تلك الخطبة , فإذا كان طالب الفسخ هو الخطيب إستحقت الشبكة للخطيبة كنوع من أنواع جبر الخاطر لها عن ما صابها من أذي نفسي من جراء فسخ الخاطب لتلك الخطبة , أما إذا كانت الخطيبة هي طالبة الفسخ ردت الشبكة للخطيب , و إستمر المجتمع المصري محتكما إلي العرف إلي أن أصبح المجتمع لا يعترف بالعرف في إطار تحول المجتمع المصري للمدنية و دولة القانون, أو هكذا يظن.
وعن إتجاه القانون المصري في مسألة رد أو إسترداد الشبكة وهو غالبا ما يرجح أحد الأراء الفقهية المعتبرة في كل نصوصة فقد أجاب بأن الشبكة و الهدايا التي قدمها الخطيب لمخطوبته يحق له إستردادها قانونا و شرعا أي كان المتسبب في إنفساخ تلك الخطبة.
وقد نظر القانون المصري للتكييف القانوني للشبكة لتحديد الأحق بها من الطرفين و ذلك من نظرتين:-
النظرة الأولي :وفق قواعد القانون المدني و التي إعتبرت الشبكة و الهدايا التي يقدمها الخاطب لمخطوبتة تقع ضمن الهبة المعلقة علي شرط وهنا الشرط المقصود هو الزواج ,فطالما الزيجة لم تتم تبطل الهبة ومن أثار هذا الإبطال هو عودة الشئ لأصلة الأمر الذي يستحق معه الواهب كل ما قدمة من شبكة أو هدايا.
النظرة الثانية : وفق القواعد الشرعية فحسب جمهور الفقهاء فقد أعتبر الشبكة و الهدايا من مقدمات المهر و المهر لا يستحق للخطيبة إلا بتمام الزيجة التي قدم المهر من أجلها , فلما كانت الزيجة لم تتم و تم فسخ الخطبة فمن حق الخطيب إسترداد مقدم المهر لعدم إتمام الزيجة.
ولما كان الشرع و القانون قد إتفق علي أحقية الخاطب في إسترداد الشبكة و ما عسي يكون قد قدمة من هداية لمخطوبتة , وذلك بصرف النظر عن المتسبب في إنفساخ تلك الخطبة و دون النظر إلي طول فترة الخطبة أو قصرها.
أما دار الإفتاء المصرية فقد أوضحت حكم الشبكة و الهدايا عند فسخ الخطبة في فتوى مفصلة لها على صفحتها الرسمية على موقع "فيس بوك"، موضحة أن الخِطْبَة وقراءة الفاتحة وقبض المهر وقبول الشبكة والهدايا؛ كل ذلك من مقدمات الزواج، ومن قبيل الوعد به ما دام أن عقد الزواج لم يتم بأركانه وشروطه الشرعية، وقد جرت عادة الناس بأن يقدموا الخِطبة على عقد الزواج لتهيئة الجو الصالح بين العائلتين، فإذا عدل أحد الطرفين عن عزمه ولم يتم العقد، فالمقرر شرعًا أن المهر إنما يثبت في ذمة الزوج بعقد الزواج، فإن لم يتم فلا تستحق المخطوبة منه شيئًا، وللخاطب استرداده.
وأوضحت "أما الشبكة التي قدمها الخاطب لمخطوبته فقد جرى العرف على أنها جزء من المهر؛ لأن الناس يتفقون عليها في الزواج، وهذا يُخرِجها عن دائرة الهدايا ويُلحِقها بالمهر، وقد جرى اعتبار العرف في التشريع الإسلامي؛ لقوله تعالى: ﴿خُذِ العَفوَ وأمُر بالعُرفِ﴾ [الأعراف: 199]، وفي الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه: "ما رَأى المُسلِمُونَ حَسَنًا فهو عند اللهِ حَسَنٌ، وما رَأَوا سَيِّئًا فهو عند اللهِ سَيِّئٌ" أخرجه أحمـد والطيالسي في مسنديهما ،فالشبكة من المهر، والمخطوبة المعدول عن خطبتها ليست زوجة حتى تستحق شيئًا من المهر؛ فإن المرأة تستحق بالعقد نصف المهر، وتستحق بالدخول المهر كله وبناءً على ذلك فإن الشبكة المقدمة من الخاطب لمخطوبته تكون للخاطب إذا عدل الخاطبان أو أحدهما عن عقد الزواج، وليس للمخطوبة منها شيء، ولا يؤثر في ذلك كون الفسخ من الخاطب أو المخطوبة.
وتابعت "أما الهدايا فإنها تأخذ حكم الهبة في فقه المذهب الحنفي الجاري العمل عليه بالمحاكم؛ طبقًا لنص الإحالة في القانون رقم 1 لسنة 2000م؛ حيث جاء فيه: "والهبة شرعًا يجوز استردادها إذا كانت قائمة بذاتها ووصفها"، فيجوز للخاطب أن يطالب باسترداد الشبكة والهدايا غير المستهلكة، وعلى المخطوبة الاستجابة لطلبه، أما إذا كانت الهدايا مستهلكة كنحو أكل أو شرب أو لبس فلا تُستَرَد بذاتها أو قيمتها؛ لأن الاستهلاك مانع من موانع الرجوع في الهبة شرعًا."
وقد إستقر مجتمع القضاء علي تسمية الدعوي التي تقام ي هذا اخصوص بدعوي استرداد الشبكة و كذا هدايا الخطوبة.