شخصية اليوم | عبدالعزيز باشا فهمي..قاضي القضاة و نقيب النقباء
شخصية اليوم هي عبد العزيز فهمي حجازي عمر المعروف باسم /عبد العزيز فهمي أو عبد العزيز باشا فهمي (ولد في قرية كفر المصيلحة مركز شبين الكوم محافظة المنوفية في23/12/1870 وتوفي عام 1951) هو قاضٍ ومحامٍ وسياسي وشاعر مصري من أعلام الحركة الوطنية المصرية في الثلث الأول من القرن العشرين.
حياته المهنية والقضائية
عمل وهو في السنة الثانية بمدرسة الحقوق مترجمًا بنظارة الأشغال، ثم عمل عقب تخرجه معاوناً للإدارة بالدقهلية بمرتب 12 جنيهاً, ولكنه سرعان ما طلب نقله على إثر المشكلات التي وقعت بينه وبين أعيان المنطقة، فذهب كاتباً محكمة طنطا، ثم ترقى في المناصب حتى عمل بنيابة بني سويفوهناك التقى صديقه أحمد لطفي السيد الذي كان عضواً بنيابتها. وفي عام 1897 عين عبد العزيز فهمي وكيلاً للمستشار القضائي للأوقاف، لكنه استقال سنة 1903 وفتح مكتباً للمحاماة، وفي عام 1906 استعفى أحمد لطفي السيد من رئاسة النيابة وزامل فهمي في مكتبه.
تفرغ عبد العزيز فهمي للمحاماة سنة 1926، عقب تنازله عن رئاسة حزب الأحرار الدستوريين , وفي نفس العام رشح فهمي رئيساً لمحكمة الاستئناف (وكان رئيس الاستئناف يلقب وقتها بشيخ القضاة), لكنه استقال من رئاسة المحكمة عام 1930 بعد أن قرأ في إحدى الصحف أن عضواً بمجلس النواب يسأل عن راتب رئيس محكمة الاستئناف وكيف يتساوى مع راتب الوزير، فتوجه إلى قصر عابدين وقدم استقالته للملك فؤاد الأول ؛ لأنه اعتبر السؤال عن راتبه من عضو بالبرلمان تدخلاً في السلطة القضائية, ثم أنشئت محكمة النقض في نفس العام فاختتم حياته القضائية برئاسة هذه المحكمة ثم اختتم حياته العملية بالعودة إلى مهنة المحاماة. ويجدر بالذكر أن عبد العزيز فهمي كان ثاني نقيب للمحامين وكان أصغر من تولى هذا المنصب.
يذكر أن عبد العزيز فهمي هو الذي اختار اسم محكمة النقض، الذي قيل إنه استوحاه من الآية الكريمة "وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا" ويذكر أيضا أنه ابتدع بعض المصطلحات القضائية مثل تعبير "أوجه النفى للدلالة على أسباب الطعن"، كما استحدث نظرية القدر المتيقن في القانون الجنائى.
الأوسمة و التكريم:
• الوشاح الأكبر من نيشان محمد علي.
• رتبة الامتياز من الدرجة الأولى.
• أطلق اسمه على شارع كبير في ضاحية مصر الجديدة، و إليه ينسب خط من خطوط مترو مصر الجديدة.
• أطلق اسمه على عدة مدارس في محافظتي المنوفية و القاهرة.
كلمات سترها التاريخ بحروف من ذهب
كلمة صاحب السعادة عبد العزيز فهمي باشا أول رئيس لمحكمة النقض في حفل افتتاح اعمال محكمة النقض والابرام المدنية في 5 نوفمبر عام 1931 م .
( بسم الله الرحمن الرحيم )
نفتتح اليوم أعمال محكمة النقض والابرام المدنية التي وفق جلالة مولانا الملك المعظم وحكومته الي انشائها بمقتضي القانون الصادر في شهر مايو الماضي .
وأنه لمن حقي وحق حضرات اخواني القضاة وحضرات اخواني المحامين – وكل متبصر في حالة القضاء في هذا البلد – من حقوقنا جميعا أن نغتبط بإنشاء هذه المحكمة التي كانت الأنفس تتوق اليها من عهد بعيد ، هذه المحكمة التي أنشئت لتلافي الأخطاء القانونية في الأحكام النهائية كان وجودها أمراً ضرورياً جدا ، فإنه لا يوجد أي قاض يستطيع أن يدعي لنفسه العصمة من الخطأ ، ولقد حاول الشارع المصري أن يتلافى بعض ما قد كان يقع من الخطأ في المسائل القانونية فأنشأ نظام الدوائر المجتمعة ولكنه ، كما تعلمون حضراتكم ، كان نظاماً قاصراً جدا لا يتعرض للأحكام النهائية بشيء ولا يمسها أدني مساس بل كان مقصوراً علي ناحية خاصة من نواحي التقويم والارشاد في المبادئ القانونية دون أن يصلح من الأحكام ذاتها ، وقد سارت محكمة استئناف مصر الأهلية زمنا طويلا علي هذا النظام حتي أنشئت محكمة استئناف أسيوط فأصبح غير واف بالغرض وأصبح من الضرورات القصوى ايجاد نظام النقض والابرام الذي هو وحده الكفيل بتحري أوجه الصواب فيما يتعلق بالأحكام النهائية واصلاح الخطأ فيها لأنه يؤثر في تلك الأحكام ويبين ما بها من الأغلاط القانونية ويدعو الي اعادة الاجراءات في القضايا الصادرة فيها ، فنحن مغتبطون بهذا النظام ونحمد الله تعالي علي أنه أنشئ الان .
واني أصرح بأني فرح فخور بأن حضرات الرجال الذين عهد اليهم الابتداء بهذه المهمة الجليلة هم من خير قضاتنا علماً وعملاً ومن أكملهم خلقاً وأحسنهم تقديراً للمسئولية أمام الضمير . وإن سروري يا حضرات القضاة وافتخاري بكم ليس يعدله الا اعجابي وافتخاري بحضرات اخواني المحامين الذين اعتبرهم كما تعتبرونهم أنت عماد القضاء وسناده .
اليس عملهم هو غذاء القضاء الذي يحييه ؟ ولئن كان علي القضاة مشقة في البحث للمقارنة والمفاضلة والترجيح فإن علي المحامين مشقة كبري في البحث للأبداع والابداء والتأسيس ، وليت شعري أية المشقتين أبلغ عناء وأشد نصباً ! لا شك أن عناء المحامين في عملهم عناء بالغ جداً لا يقل البته عن عناء القضاة في عملهم ، بل اسمحوا لي أن أقول ان عناء المحامي – ولا ينبئك مثل خبير – أشد في أحوال كثيرة من عناء القاضي لأن المبدع غير المرجح .
هذا يا اخواني المحامين نظرنا اليكم ورجاؤنا فيكم أن تكونوا دائما عند حسن الظن بكم . وإن تقديرنا لمجهوداتكم الشاقة جلعنا جميعا نحن القضاة نأخذ علي أنفسنا أن نيسر عليكم سبيل السير في عملكم . وإن أية فرصة تمكننا من تيسير السير عليكم لا نتركها الا انتهزناها في حدود القانون ومصلحة المتقاضين .
- ذلك بأن هذا التيسير عليكم تيسير علي القضاة أيضاً ، إذ القاضي قد تشغله الفكرة القانونية فيبيت لها ليال مأخوذا مورقا علي مثل شوك القتاد يتمني لو يجد من يعينه علي حل مشكلها وإن له لخير معين في المحامي المكمل الذي لا يخلط بين واجب مهنته الشريفة وبين نزوات الهوي ونزعاته ولا يشوب عمله بما ليس من شأنه . إذا كان هذا ظننا بكم ورجاءنا فيكم فأرجو أن تكونوا دائما عند حسن الظن بكم وتقدروا تلك المسئولية التي عليكم كما يقدر القضاة مسئوليتهم .
وأضني إذا ذكرت اخواني القضاة والاعجاب بهم أني أدمج مع القضاة حضرات اخواني وزملائي النائب العمومي ورجاله ، فإنهم هم أيضاً سيكون لهم إن شاء الله القدح المعلى فيما يتعلق بإحقاق الحق في المبادئ القانونية .
إن مهمة النيابة من المهمات المضنية وربما كانت أشق من مهمة المحامين فيما يتعلق بتقدير وجه الصواب والخطأ في المسائل القانونية والترجيح بينما إذ لها فيها الترجيح الأول وللقاضي الترجيح الأخير ، علي أن لها أيضاً في أحوال كثيرة مهمة الابتداء والابداع كالمحامين فأعضاء النيابة يجمعون بين عملي الطرفين ويتحملون مشقتهما .
ولا يؤيد ذلك مثل الدفع الذي ترونه اليوم مقدماً من النيابة مما لم يجل في خاطر القضاء ولا في خاطر المحامين .
فنحن إذن نفتخر بالمحامين وبالنيابة وبالقضاة جميعاً .وإنا نرجو الله أن يهدينا جميعاً سواء السبيل وأن يمد في عمر جلالة مولانا الملك المعظم وأن يوفقه ويوفق حكومته الي ما فيه صالح الأعمال .
كلمات في تأبين حفل تأبين عبد العزيز باشا فهمي
وقال عنه «طه حسين» يوم تأبينه : « كان عبد العزيز فهمي مثقفاً في اللغة والدين، عميق الثقافة مؤمناً بهذا أشد الإيمان، مترف الذوق فيها إلى أقصى حدود الترف، وما أعرف أن أحداً ناقشني في الشعر الجاهلي كما ناقشني فيه عبد العزيز فهمي، وما أعرف أن أحداً أصلح من رأي في الشعر العربي كما أصلح من رأي عبد العزيز».
كما قال عنه «عبد الرزاق السنهوري» في يوم تأبينه : «… ولعلّ أبرز ما يميز الفقيد في حياته الصاخبة المضطربة بالأحداث هو أنه كان يفكر بعقله و بقلبه، بل كان يخضع عقله لقلبه، وهذا ما جعله قريباً إلى كل نفس، فإن أرستقراطية العقل تُبعد ذا الفضل الكبير عن الناس، أما أرستقراطية القلب فتدنيه منهم».