محاكمة فكرية | فيلم صاحب المقام ,, وصل بالله أم شرك بة
بقلم / محمد حسن عايد المحامي بالنقض
بداية وقبل قراءة هذا المقال ,, أدعوك إلي التحرر مؤقتا من أي منهج ديني تنتهجة مؤقتا , لتكون حيادي في النظر إلي الحالة التي نقلها لنا فيلم صاحب المقام , وتستطيع الحكم علي الحالة الصوفية التي وثقها أو نقلها هذا العمل الفني , بموضوعية.
وتذكر إنة لكي أقبل وغيري , الحالة الدينية التي تقتنع وتعتقد بها , عليك أن تتقبل أحوال الأخرين الدينية , حتي لو خالفتك فيما تعتقد, وتذكر أن إنكارك لمنهج الأخر و إنكار الأخر لمنهجك , لا ينفي وجود كليهما , كما إنة ليس أي منكم يملك الحق وحدة , فالحق هو الله عز وجل مالك الملك لا شريك لة.
-لا شك أن هذا العمل الفني قد أحدث في الأوساط الثقافية و الدينية حالة من اللغط و الإرتباك , وأصبح كل منا يبدأ بتفنيد العمل وتقييمة و الحكم علية و بين مؤيد و معارض و مكفر , أخيرا من إتهم العمل و القائمين علية بالشرك بالله .
-لذا دعونا نسترفق بأحوالنا , فنحن البشر المستضعفين لا نملك تكفير أحد , لأن الدين ما هو إلي علاقة بين العبد وربة, دون وصاية من أحد علي أحد.
-وللحقيقة لن أحاكم النجاتيف – العمل الفني- ليس لأني من غير المتخصصين فحسب , بل لأني أيضا أعي جيدا أن قصة الفيلم ما هي إلا محاكاة لمدرسة دينية وهي "المدرسة الصوفية" ولأني مدرك مدي تشعب هذا المنهج الديني فلن نتعمق فية , أكثر من تفنيد ما تعرض إلية رواد مواقع التواصل الإجتماعي , محاولة لرأب الصدع وتصحيحي بعض المفاهيم المغلوطة , التي يتناقلها البعض بنظرتهم المرتكنة إلي مذهب مغاير لا بنظرة أصحاب هذا المذهب الهام.
-بداية دعنا نعرف سويا ما هي الصوفية ولما تم تسميتها بهذا الإسم:-
الصوفية أو التصوف هو مذهب إسلامي،فإن التصوف اهتم بتحقيق مقام الإحسان، مقام التربية والسلوك، مقام تربية النفس والقلب وتطهيرهما من الرذائل وتحليتهما بالفضائل, ومعنى التصوف لغويا هي نسبة إلي الصوف وهو اللباس الذي كان يميز أتباع هذا المنهج إشارة إلي زهدهم في الدنيا و مغرياتها ,وبدايتها كانت في الصدر الأول من عصر الصحابة، فالخلفاء الأربعة كانوا صوفيين معنى، ويؤكد ذلك كتاب حلية الأولياء للحافظ أبي نعيم الأصبهاني - أحد مشاهير المحدثين - فقد بدأ كتابه الحلية بصوفية الصحابة، ثم أتبعهم بصوفية التابعين، وهكذا.
وما لبثت أن انتشرت حركة التصوف في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة متنوعة معروفة باسم الطرق الصوفية. والتاريخ الإسلامي زاخر بعلماء مسلمين انتسبوا للتصوف مثل: الجنيد البغدادي، وأحمد الرفاعي، وعبد القادر الجيلاني، وأبو الحسن الشاذلي، وأبو مدين الغوث، ومحي الدين بن عربي، وشمس التبريزي، وجلال الدين الرومي، والنووي، والغزالي، والعز بن عبد السلام كما القادة مثل: صلاح الدين الأيوبي، ومحمد الفاتح، والأمير عبد القادر، وعمر المختار، وعز الدين القسام.
-أول المأخذ و التي يرتكن إليها دائما الجانب المعادي للصوفية , أن حب الصوفيون لآل بيت النبي و أولياء الله الصالحين , يعد بمثابة شرك بالله , لأن الصوفيين يرتكنون إلي وسيط ليكون باب لوصل هذا العبد بربة , والعهدة علي لسان الجانب المستهجن للصوفية.
-ثاني المأخذ هي إقامة الشعائر الدينية بالمساجد المقبورة, والمساجد المقبورة هي المساجد التي يوجد بداخلها قبور و أضرحة.
-وثالث المأخذ هي حبهم المفرط في حب النبي و أل بيت رسول الله
-وإذا قررت الحكم عليهم تعرف عليهم عن قرب , وتحري معتقدهم جيدا , قبل أن تمسك سوطك جلدا فيهم دون فهم , إمسك صوتك حتي تعرف منهج الصوفية عن قرب, ولا تتوقف علي بعض الممارسات الشاذة و المغلوطة التي يتكبها البعض عن عدم فهم بمقاصد المنهج , وتذكر أن هذة النماذج الشاذة ليست بعيدة عن ما تعتقد أنت , فهو نموذج موجود بكل المذاهب الفكرية أو الدينية.
-دعني أنقل لكم تجربتي الشخصية و إحتكاكي ببعض أعلام و محدثي ومريدي هذا المنهج, وللحق أقول أن منهجهم بعيد كل البعد عن الشرك بالله , وأنهم من الموحدين الزاهدين , و أنهم يرتكنون إلي الكتاب و السنة المشرفة , في منهجهم , و أبرز ما يرتكن إلية هذا المذهب من القرآن الكريم في دحض التهم المنسوبة إليهم وتأصيلا لصحة منهجهم في الأتي:-
في حب أولياء الله الصالحين وزيارة أضرحتهم
بسم الله الرحمن الرحيم } أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ{ صدق الله العظيم
حيث حثَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم على زيارة القبور فقال: «زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ» رواه مسلم
قال الله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: 23]
في شأن المساجد المقبورة مع صلاح النية لله دون سواه
قوله تعالى:﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكهف: 21]
وقد وصَّى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته بآل بيته؛ فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَحَمِدَ الله، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ! أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ الله، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ الله وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ» فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ الله وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي؛ أُذَكِّرُكُمُ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي» رواه مسلم.
صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُرُّ عَلَى قَبْرِ أَخِيهِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إِلَّا رَدَّ اللهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ»
وقياسا جامعا لفضل الأماكن فجد جاء في الحديث القدسي قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ - يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ! مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ: يَا رَبِّ! كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟! قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاَنًا مَرِضَ؛ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ؛ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ...» رواه مسلم.
والأن وبعد إستعرض ظاهري لمنهج الصوفية , وقبل أن تصدر حكمك عليهم إذ كنت تملكة, أذكرك بالأتي:-
من كفر أحدا : فإن كان كما يقول ، وإلا : فقد افترى إثما مبينا ، وصار على خطر عظيم ؛ لعموم قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا ) رواه البخاري (6104) ، ومسلم (60) .
قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ) ، وَقَوْلِهِ: ( كُفْرٌ بِاَللَّهِ تَبَرُّؤٌ مِنْ نَسَبٍ وَإِنْ دَقَّ) ، وَقَوْلُهُ : (مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا)
قال النبي صلى الله عليه وسلم :( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا ، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ ) رواه البخاري (5269) ، ومسلم (127) .
لكن هل أسألك عزيزي , هل مازلت تري أن المساجد المقبورة بدعة؟! وهل تري حب آل بيت النبي خطيئة؟! هل مازلت متشكك في فضل الأماكن في التقرب والوصل بالله الواحد الأحد ؟! وختاما هل مازلت لا تري أي فضل لأولياء الله الصالحين؟