القومي للمرأة | الرؤية و الاستضافة و إشكاليتهما
اولا: الرؤية والشريعة الاسلامية:
قانون الرؤية نابع من الشريعة الإسلامية وهو حق شرعي (ألا أنه لم يذكر صراحة في القرآن أو السنة (تحديد مدة الرؤية أو لفظ الاستضافة).
استدل على الحق الشرعي للرؤية يقول سبحانه وتعالى في الآية 233 من سورة البقرة (لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ) وأيضاً الآية 75 من سورة الأنفال:
( وأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )
ثانيا: فتاوى مجمع البحوث الاسلامية:
1- بجلسة27/9/2007 الدورة رقم 44
قررالموافقة على :
أ-يجوز انتقال الحضانة إلى الأب بعد الأم و أم الأم.
ب-يجوز رؤية الجد والجدة للمحضون سواء أكان ذلك في حضور الأبوين أم في غير حضورهما.
ج-من صدر له حكم يقضي بحقه في رؤية المحضون إذا تخلف عن الحضور للرؤية في الموعد المحدد ثلاث مرات متتابعات رفع أمره إلى القضاء لحرمانه من الرؤية لمدة يحددها القاضي.
د-يجوز للطرف غير الحاضن استضافة الصغير بمسكنه في العطلات إذا أذن الحاضن بذلك
2- بجلسة 29/1/2009
قرر الموافقة بشأن تنظيم رؤية الأبناء.
-انه يجوز لغير الحاضنين عند بلوغ المحضون العاشرة من العمر أن يطلب اصطحابه داخل الوطن لفترة محددة بعد موافقة الحاضن واخذ رغبة المحضون.
ولا يكون حق الاصطحاب ساريا إلا بعد صدور حكم من المحكمة المختصة بمنع سفر المحضون خارج البلاد بدون موافقة الحاضن وبعد إعلان الجهات الرسمية بمضمون هذا الحكم وتنفيذه.
- وإذا استجدت ظروف أصبح معها اصطحاب غير الحاضن للطفل ضاراً بالمحضون يجوز لقاضي التنفيذ إلغاء حق الاصطحاب إلى أن يزول سبب الضرر.
-يجوز لمن تقرر له حق الحضانة السفر بالمحضون خارج البلاد بشرط الا يكون في السفر إضرار به وبإذن غير الحاضن بعد موافقة صاحب الحق في الرؤية.
3– بجلسة 5/5/2011 الدورة رقم 47
-قرر المجلس في ضوء آراء الفقهاء والاعتبارات الاجتماعية والنفسية فقد انتهى المجمع من واقع هذه المناقشة إلى صحة ما اتخذه سابقا في جلسته الثانية الدرة رقم 44 بتاريخ 27/9/2007 في شأن سن الحضانة وحدود حق الرؤية وموافقته ومناسبته لظروف الاسر والأطفال
ثالثا:أهل الفقه : اجتمع الرأى على أن التفريق بين الأم وولدها الصغير غير جائز :
1-الدليل على ذلك لما روي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) وفى روايه( لا توله والدة عن ولدها )
*والاثر صحيح فى معناه وفقا لمبادئ الشريعة الكلية وسنن الله الكونية
2-وعن عمر بن عبد الله مولى عفرة أنه أخبره عن زيد بن إسحاق بن جارية الأنصاري أنه أخبره : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين خاصم إلى أبي بكر رضي الله عنه في ابنه ، فقضي به أبو بكر رضي الله عنه لأمه ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (لا توله والدة عن ولدها) قال أحمد ابن حنبل لا يفرق بين الأم وولدها وأن رضيت وذلك والله أعلم .
(المصدر:الشرح الكبير – ج : 10/115) .
3-الفقيه الحنفي ابن عابدين : أوضح أن الرؤية حق شرعي حيث قال : (الولد متى كان عند أحد الأبوين لا يمنع الأخر عن النظر إليه وتعهده ويثبت الحق في رؤية الصغير ذكراً أو أنثى ... فيثبت للأب أثناء حضانة الأم له سواء كانت الحضانة في مدتها الوجوبية أو الجوازية ، ويثبت للأم أثناء حضانة الأب للصغير في مرحلتها الأولى إذا كانت حضانة الصغير له بالتفصيل السالف بيانه ، أو بعد انتهاء حضانتها له وضمه إليه ، ويثبت هذا الحق للأجداد في حالة عدم وجود الأبوين فيكون للجد لأب وإن علا في حالة وجود الأب وللجدة لأم وإن علت في حالة عدم وجود الأم، والمقصود بعبارة عدم وجود الأبوين (عدم وجودهما بالبلدة التي بها مسكن الحضانة أو عدم وجودهما على قيد الحياة ).
(المصدر : حاشية على الرد المحتار – ابن عابدين ج/3 صفحة 627) .
رابعا: رؤية الاطفال فى القانون :
القانون رقم 25 لسنة 1920 الخاص باحكام النفقة وبعض مسائل الاحكام الشخصية المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 الفقرة الثانية من المادة (20)منه تنص على ان:
*(ولكل من الأبوين الحق في رؤية الصغير أو الصغيرة وللأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين وإذا تعذر تنظيم الرؤية اتفاقاً نظمها القاضي على أن تتم في مكان لا يضر بالصغير أو الصغيرة نفسياً .
ولا ينفذ حكم الرؤية قهراً ، ولكن إذا امتنع من بيده الصغير عن تنفيذ الحكم بغير عذر أنذره القاضي فإن تكرر منه ذلك جاز للقاضي بحكم واجب النفاذ نقل الحضانة مؤقتاً إلى من يليه من أصحاب الحق فيها لمدة يقدرها .
ويثبت الحق فى الحضانه للام ثم للمحارم من النساء مقدما فيه من يلى الام على من يلى الاب ومعتبرا فيه الاقتراب من الجهتين على الترتيب الاتى: ............
وقد نظم قرار وزير العدل رقم 1087 لسنة 2000 بتحديد اماكن تنفيذ الاحكام الصادرة برؤية الصغير والاجراءات الخاصة بتنفيذ الاحكام والقرارات الصادرة بتسليم الصغير او ضمه او رؤيته او سكناه او من يناط به ذلك .
حيث نص فى المادة الرابعة منه على ان :
- فى حالة عدم اتفاق الحاضن او من بيده الصغير والصادر لصالحه الحكم على المكان الذى يتم فيه رؤية الصغير ويكون للمحكمة ان تنتقى من الاماكن التالية مكانا للرؤية وفقا للحالة المعروضه عليها وبما يتناسب قدر الامكان وظروف اطراف الخصومه ، مع مراعاة ان يتوافر فى المكان مايشيع الطمأنينة فى نفس الصغير ولا يكبد اطراف الخصومة مشقة لا تحتمل :
1- احد النوادى الرياضية.
2- احد مراكز رعاية الشاب.
3- احدى دور رعاية الامومة والطفولة التى يتوفر بها حدائق.
4- احدى الحدائق العامة .
**وقد نظمت المادة 5 من قرار وزير العدل المشار اليه مدة الرؤية على الا تقل عن 3 ساعات اسبوعيا.
**كما نظمت المادة 7 منه ان: لاى من الطرفين ان يستعيين بالاخصائى الاجتماعى المنتدب للعمل بدائرة المحكمة التى اصدرت الحكم لاثبات نكول الطرف الاخر عن التنفيذ فى المواعيد والاماكن المحددة فى الحكم ويرفع الاخصائى الاجتماعى تقريرا للمحكمة اذا ما اقام الطالب دعوى فى هذا الخصوص.
** حق الطفل فى حضانة امه .. هو حق كفلته الشريعة الاسلامية والقانون الطبيعى ايضا بل والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الطفل .. المادة 3 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 نصت على ان تكون لحماية الطفل ومصالحه الاولوية فى جميع القرارات والاجراءات المتعلقة بالطفولة ايا كانت الجهة التى تصدرها او تباشرها ..
خامسا: حجج الرأي المعارض :
قانون الرؤية فيه تحيز للمرأة ، ويؤدي إلى قطع الأرحام .
الرد : هذا اتهام غير عادل وظالم وغير حقيقي وذلك لأن تعديل قانون الرؤية صادر منذ عام 1985أي أن عمره الآن 26 عاماً كما أن القانون يطبق أيضاً على المرأة في حوالي نصف الحالات وذلك وقت انتقال الحضانة من الأم إلى الأب سواء بعد بلوغ الصغير سن 15 عام أو لغير ذلك من الأسباب .
2-المعارضون للقانون يتشددون في وجوب تطبيق الاستضافة .
الرد: الرؤية والاستضافة يمكن أن تتم بالاتفاق بين الطرفين أي كانت مددها وهذا بين الأسر التي لا توجد بها مشاكل، أما الأسر الأخرى فإنه يجب أن يتم مراعاة توافر شروط موضوعية لمصلحة الطفل لتنفيذ الاستضافه:
أ-ان نؤمن على الطفل من تصدر آثار الخلاف بين ابويه الى نفسيته فيصاب بالتمزق النفسى والاحساس بالضياع .
ب-ان لا يكون لطالب الاستضافه تاريخ فى ايذاء الطفل ، وان يتم سؤال الام والطفل هل قام الاب بالضرب لاى منهما مسبقا ام لا ، لان الاب الذى يقوم بضرب الطفل لا يستحق ان يستضيفه حتى لا تتكررالمأساة مرة اخرى .
**وبناء عليه يجب ان تكون الاستضافة باذن الحاضن واخذ رأى المحضون.
ج-ان يكون هناك تأمين كامل من الناحية الامنية: فكيف تضمن الام عودة اطفالها اليها وعدم سفر الاب بهم الى الخارج انتقاما منها أومحاولة للضغط عليها لتتنازل عن حقوقها ؟ وكيف نضمن عودتهم اليها دون ان يصابوا بأى مكروه وهو الامر الذى يتكرر فعليا من الناحية العملية.
د-ان يتم ربط الرؤيه بالانفاق بمعنى ان يكون الاب مستمر فى دفع نفقة الام والطفل بدون انقطاع.
سادسا:حكم محكمة النقض ضد الاستضافة
طعن النائب العام بصفته بطريق النقض لمصلحة القانون فى حكم محكمة استناف المنصورة الذى كان قد حكم للوالد باصطحاب صغيره للمبيت معه يومى الخميس الاول والثالث من كل شهرويظل بصحبته حتى الساعة السادسة مساء اليوم التالى.
*حكم محكمة النقض بتاريخ 9 مارس 2010 في الدعوى رقم 10 لسنة 79 ق (أحوال شخصية)حكمت المحكمة برفض موضوع الإستئناف وتأييد الحكم المستأنف واستندت فى حيثياتها الى الاسانيد التالية:
..فان لوالده الحق في رؤيته إلا أن هذا الحق مقصور على النظر إلى الصغير وفي أحد الأماكن التي حددها قرار وزير العدل سالف البيان ولا يجوز للأب أن يباعد بين الأم وولدها في سن الحضانة أو أن يسلخه عنها فلا يجوز له اصطحاب الصغير إلى منزله للمبيت معه لأن ذلك يفوت عليها حق حضانتها ويعد إخلالاً بحكم الحضانة لو أجيب إلى طلبه وفيه إيذاء للصغير وظلم للأم والظلم مدفوع بالنص.
تعليق ::
**الرؤية حق مكفول لغير الحاضن والمحضون حتى لا يكون هناك ضرر ولا قطيعة أرحام0.
**حق الرؤية يقابله واجب.. فيجب النظر فى ان يمنع الاب الطالب للرؤية من رؤية صغيره فى حالة: 1- أذا امتنع عن دفع نفقات الصغير ومصروفاته الدراسية ولا يعود له هذا الحق الا بعد قيامه بما عليه من التزامات.
2اذا امتنع ان يهيئ لحضانته المسكن الملائم للطفل المحضون وبما فرضه عليه الشرع من حقوق و رعاية له
3- لايمكن تنفيذ الاستضافة سوى بالتراضي بين كل الأطراف – الأب والأم والطفل أيضاً وعلى مسئوليتهما الخاصة .
..تلك هى العدالة المتفقة مع الشريعة الاسلامية
**من المعروف ان حق الحضانه مغلب على حق الرؤية... اذ ان حق الحضانه هو حق الام والطفل معا ..ويتضح لنا ان هناك تنازعا بين حقوق شرعية ثلاثة :.
حق الام الحاضنة فى حضانة صغيرها وحق الطفل فى حضانة امه وحق الاب فى الرؤية..
والحقوق اذا تنازعت فلابد ان يعلوا احدها على الحقوق الاخرى والا انهارت الحقوق جميعها
**تطالب (الكثير من السيدات اللاتى يعانين من مشاكل )انه لا بد من وضع جزاء رادع لعدم تنفيذ حكم الرؤية على طالبها مثل وقف تنفيذ حكم الرؤية لفترة معينة ثم اسقاطها اذا تكرر عدم التنفيذ او خرج عن نطاق الضوابط المحددة سلفا وإضرارا بالصغير او إمعانا فى الكيد للطرف الحاضن .
الكثير من الاراء: توكد على اهمية توفير الوقت اللازم للاب ليقوم بدوره فى تنشئة الطفل جنبا الى جنب مع الام ، فلا غنى عن كليهما فى تربية الاطفال ، اما بالنسبة لاحقية الأب فى الاستضافة فهناك الكثير من الخبراء الذين لا يبدون اعتراضهم عليها ، وانما يجب مراعاة مصلحة الصغير فلابد من دراسة اى مشروع لقانون الاستضافه جيدا قبل اصداره وبما يضمن الاستقرار والسلامه للطفل وعودته سالما لوالدته.
من الغريب أن الأصوات التي تعالت لتعديل أو إلغاء بعض المواد بقوانين الأحوال الشخصية بحجة أنها صدرت في العهد السابق ... لم تشر تلك الأصوات إلى قوانين أخرى كقانون العمل أو قانون الضرائب أو غير ذلك من القوانين .
تناست تلك الأصوات أن أي مما استحدثته قوانين الأحوال الشخصية كان ثمرة عمل مجموعات كثيرة من المجتمع المدني بتدخل تشريعىى لسد ثغرات فى القانون الوضعى وتطبيق احكام الشريعة التى تشمل الكثير من الاحكام التى لم تكن قد شرعت كقانون،وتلبية لكثير من صرخات الأمهات اللاتي ظللن يعانين لسنوات فى اروقة المحاكم مطالبات بإيجاد حلول لمشكلاتهن تعالج ما ظهر من ثغرات في بعض قوانين الأحوال الشخصية ومطالبة العديد من المفكرين المعتدلين بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على تلك الثغرات .
واخيرا يتبين من بيانات الجدول اعلاه بان متوسط الطلبات التى رفعت لمكاتب تسوية المنازعات الاسرية بمحكمة الاسرة لا تتعدى نسبة 5% من اجمالى الطلبات ، ويتأكد منه مدى المبالغة فى حجم الهجوم المثار من بعض الاباء على قانون الرؤية واذا اخذنا فى الاعتبار ان
حوالى نصف اعداد هذه الطلبات تكون مرفوعة من الام لان القانون يطبق أيضاً على المرأة في حوالي نصف الحالات وذلك وقت انتقال الحضانة من الأم إلى الأب سواء بعد بلوغ الصغير سن 15 عام أو لغير ذلك من الأسباب .
كما تجدر الاشارة الى انه من واقع تلك الاحصائيات ايضا نسبة 82% من اجمالى الطلبات المقدمة لمكاتب تسوية المنازعات الاسرية موضوعها النفقات اى انه يتبين مدى عناد ومماطلة بعض الاباء فى سداد المستحق عليهم شرعا من نفقات بانواعها لاولادهم وزوجاتهم او مطلقاتهم.